عنترة بن شداد والبحث عن الحرية

 قبل ظهور نيلسون مانديلا والفكر المحارب للتمييز العنصري، عاش في الجزيرة العربية فارس وشاعر طالب بالحريات وحارب العنصرية التي يواجهها ذوي البشرة السمراء. كان عنترة بن شداد -المولود من جارية حبشية- رمزاً من رموز النضال في قومه.

عنترة بن شداد ومحاربة العنصرية والبحث عن الحرية

عنترة بن شداد العبسي

هو عنترة بن شداد بن قراد العبسي، فارس عربي ولد في خضم صراع بين عبس وذبيان، عام 525 ميلادية تقريباً. وفي ظل ذلك الصراع نشأ عنترة وصقلت الحروب المتكررة شخصيته.

أغربة العرب الثلاثة

هناك مصطلح شائع في التاريخ يدعى أغربة العرب الثلاثة، ويقصد فيها ثلاثة أشخاص سود البشرة كانت لهم شهرة واسعة في التاريخ العربي. وهم: عنترة بن شداد، خفاف بن عمير الشريدي والسليك بن عمرو السعدي.

من الثابت في التاريخ أن عنترة كان ابن جارية تدعى زبيبة، وأن أبوه قد أنجبه منها كما كان يحدث مع كل الجواري. إلا أن أباه لم يعترف بنسبه في البداية لأن عنترة كان أسود اللون.

معركة داحس والغبراء في التاريخ

اشترك عنترة في داحس والغبراء فكانت له اليد الطولى والنجومية، وقد برزت شخصيته القوية في الحرب مما أدى إلى حصوله على الحرية في النهاية.

ولد عنترة بعد نشوب حرب داحس والغبراء، ومات ولم يدرك نهايتها، يقول في ذلك:

وفي الحرب العوانِ ولدتُ طفلاً ومن لبن المعامع قد سقيتُ

مؤسف جداً أن تولد في مجتمع يعيش حرباً أهلية بين الجيران، ثم تموت قبل أن تنتهي تلك الحرب. 😓

الاعتراف بنسب عنترة بن شداد

يروى أن والد عنترة قد وعده بالاعتراف بنسبه في حال اشتراكه بالحرب ضد ذبيان، وأنه اعترف بنسبه فعلاً بعد اشتراكه في تلك الحرب وإسهامه فيها بشكل بارز.

ومن المشهور عند العرب قول والد عنترة، شداد، وهو يشجع ابنه على الاشتراك في الحرب: كُر عليهم يا عنترة، كُر وأنت حر.

الحب الأسطوري بين عنترة وعبلة

أحب عنترة ابنة عمه عبلة حباً كبيراً، منذ الطفولة وحتى نهاية حياته، وربما يكون سر هذا الحب هو في موت عبلة مقتولة ومطالبة عنترة بالثأر من قاتليها. يقول عنترة في هذا:

وعزيزةٍ مفقودةٍ قد هوّنت مهج النوافل بعدها مفقودها

ماتت ووسدت الفلاة قتيلةً يالهف نفسي إذ رأت توسيدها

يشبه حب عنترة لعبلة حب قيس لليلى -اللذان عاشا في العصر الأموي- والاختلاف بينهما هو في أن شعر عنترة لم يكن عذرياً تماماً كما كان شعر قيس بن الملوح.

يقول عنترة في شوقه لمحبوبته:

ولقد ذكرتكِ والرماحُ نواهلٌ مني وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغركِ المتبسمِ

إن الإسلام قد تجلى في العصرين الراشدي والأموي فأنتج لنا ما يسمى بالغزل العفيف، أما العرب قبل إسلامهم فقد كان غزلهم فاحشاً في كثير من الأحيان. ولعلنا نجد في شخصية عنترة حباً عفيفاً طاهراً خالياً من الشهوات، وهذا أمر نادر في ذلك الزمن.